ماكس فيبر : منطق الدولة
” إن منطلق تطور الدولة الحديثة في كل مكان هو إرادة الأمير في تجريد القوى »الخاصة« المستقلة من سلطتها، لأنها تمتلك إلى جانبه، سلطة تنفيذية، أي أن الأمر يتعلق بكل المالكين لوسائل التدبير، ووسائل عسكرية ومالية ولكل أنواع الخيرات التي يكن أن تكون مفيدة سياسيا. وتتم هذه العملية في تواز تام مع تطور المقاولة الرأسمالية التي تجرد شيئا فشيئا المنتجين المستقلين من ممتلكاتهم. ونلاحظ أخيراً أن السلطة التي تملك كل وسائل التدبير السياسية في الدولة الحديثة تتجه نحو التمركز في يد واحدة: ليس هناك أي موظف يعتبر مالكا خاصا للمال الذي ينفقه أو للبنايات وللمدخرات وآلات الحرب التي يراقبها. لقد نجحت الدولة المعاصرة نجاحا كاملا (وهذا مهم على مستوى المفاهيم) في حرمان المسؤولين الإداريين وموظفي وعمال الإدارة من وسائل التدبير. وعند ذلك شاهدنا ظهور سيرورة جديدة تحدث حاليا تحت أعيننا، والتي تحاول تجريد المغتصبين من الوسائل السياسية ومن السلطة السياسية. هذا ما أنجزته الثورة الألمانية (98) فيما يبدو على الأقل، في حدود أن قادتها الجدد حلوا محل السلطات القائمة حيث استولوا عبر الاغتصاب أوالانتخاب على السلطة التي تراقب الإدارة وجهاز الخيرات المادية، وحيث يعملون على استمداد مشروعيتهم (ولا يهم بأي حق يفعلون ذلك) من إرادة المحكومين. لكن يكن أن نتساءل عما إذا كان هذا النجاح الأول على الأقل ظاهريا سيمكن الثورة من أن تسيطر على الجهاز الاقتصادي للرأسمالية، والذي يتجه نشاطه، في جوهره، حسب قوانين تختلف تماماً عن قوانين الإدارة السياسية. لا يحق لنا أن نتخذ موقفا اليوم من هذه المسألة، وسأكتفي بالاحتفاظ بهذه الملاحظة ذات الطابع المفاهيمي
الصرف: الدولة الحديثة هي تجميع للسلطة ذات الطابع المؤسساتي، بحيث حاولت (ونجحت في ذلك) احتكار استعمال العنف المادي الشرعي، في
حدود مجال ترابي معين، كوسيلة للسيطرة، ولتحقيق هذا الهدف، عملت على جعل الوسائل المادية للتسيير في قبضة أيدي القادة(المسيرين). وهو ما يعني أنها انتزعت كل الصلاحيات من الموظفين الذين كانوا يملكون في الماضي -وفق مبدأ ” تعدد الدول” حقهم الخاص، وحلت محلهم، حتى في أعلى هرم السلطة. “
Max Weber, Le savant et la politique